روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | الفارس الحكيم أبو الدرداء الأنصاري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > الفارس الحكيم أبو الدرداء الأنصاري


  الفارس الحكيم أبو الدرداء الأنصاري
     عدد مرات المشاهدة: 2946        عدد مرات الإرسال: 0

هو عويمر بن مالك الأنصاري الخزرجي، صحابي من الأنصار يلقب بحكيم الأمة، أسلم يوم بدر، كان تاجرا في المدينة المنورة، وهو أحد الذين جمعوا القرآن، على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولاه معاوية بن أبي سفيان قضاء دمشق، بأمر من عمر بن الخطاب، وكان أبو الدرداء رضي الله عنه، من آخر الأنصار إسلامًا، وكان يعبد صنمًا، فدخل ابن رواحة ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهما بيته فكسرا صنمه، فرجع فجعل يجمع الصنم، ويقول: ويحك! هلاَّ إمتنعت! ألا دفعت عن نفسك، فقالت أم الدرداء: لو كان ينفع أو يدفع عن أحد، دَفَع عن نفسه ونفعها.

فقال أبو الدرداء: أعِدِّي لي ماء في المغتسل. فإغتسل، ولبس حلته، ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه ابن رواحه رضي الله عنه مقبلاً، فقال: يا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا أبو الدرداء، وما أراه إلا جاء في طلبنا، فقال: «إنما جاء ليسلم، إن ربي وعدني بأبي الدرداء أن يسلم».

توفي أبو الدرداء في الإسكندرية بمصر، قَبْلَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سنة 32 هـ وهو ابن 72 عاما.

¤ عطاؤه للإسلام:

شهد أبو الدرداء مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزوة أحد وغيرها من المشاهد، وعرف بالعفو والسماحة، ويحكى أن رجلا قال له ذات مرة قولاً جارحًا، فأعرض عنه أبو الدرداء ولم يرد عليه، فعلم بذلك عمر بن الخطاب، فغضب وذهب إليه وسأله عما حدث فقال: اللهم غفرانًا، أوكل ما سمعنا منهم نأخذهم به -أي نعاقبهم ونحاسبهم عليه.

وكان أبو الدرداء تاجرًا مشهورًا، فلما أسلم تفرغ للعلم والعبادة، ويقول عن إسلامه رضوان الله عليه: أسلمت مع النبى وأنا تاجر، وأردت أن تجتمع لي العبادة والتجارة فلم يجتمعا، فتركت التجارة وأقبلت على العبادة، وما يسرني اليوم أن أبيع وأشترى فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد، إلا أني لا أقول لكم إن الله حرم البيع، ولكنى أحب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله.

وكان لأبي الدرداء ثلاثمائة وستون صديقًا، فكان يدعو لهم في الصلاة، ولما سئل عن ذلك قال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب، إلا وكل الله به مَلَكيْن يقولان، ولك بمثل، أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة؟!

حفظ أبو الدرداء القرآن في حياة الرسول، صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عمر يقول لأصحابه: حدثونا عن العاقليْن: معاذ بن جبل وأبي الدرداء.

وكان من العابدين الزاهدين، وقد زاره أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في بيته، فلم ير فيه غير فراش من جلد، وكساء رقيق لا يحميه من البرد، فقال له: رحمك الله، ألم أوسع عليك؟ فقال له أبو الدرداء: أتذكر حديثًا حدثناه رسول الله؟ قال عمر: أي حديث؟ قال: «ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب» الترمذي. قال: نعم، قال أبو الدرداء: فماذا فعلنا بعده يا عمر؟

كما حرص أبو الدرداء على العلم، وكان حرصه على العمل بما يعلم أقوى وأشد، وكان ملازمًا للنبي، صلى الله عليه وسلم، حتى قال عنه الصحابة: أتْبَعُنَا للعلم والعمل أبو الدرداء.

وكان يقول: لن تكون عالمًا حتى تكون متعلمًا، ولن تكون متعلمًا حتى تكون بما علمت عاملاً، إن أخوف ما أخاف، إذا وقفت للحساب أن يقال لي: ما عملت فيما علمت؟، وقال: ويل للذي لا يعلم مرة، وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات.

وكان يعلِّم الناس القرآن الكريم وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويحثهم على طلب العلم، ويأخذ بأيديهم إلى الصواب، فيقول لهم: ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهَّالكم لا يتعلمون، تعلموا فإن العالم والمتعلم شريكان في الأجر.

وذات يوم، مرَّ أبو الدرداء على أناس يضربون رجلاً ويسبونه، فقال لهم: ماذا فعل؟ فقالوا: أذنب ذنبًا، فقال: أرأيتم لو وجدتموه في بئر، أكنتم تستخرجونه منها؟ قالوا: نعم نستخرجه، قال: فلا تسبوا أخاكم، واحمدوا الله الذي عافاكم، فقالوا له: ألا تبغضه وتكرهه؟ قال: إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي.

ويروى أنه كان مع المسلمين في قبرص، ففتحها الله على المسلمين، وغنموا خيرًا كثيرًا، وكان أبو الدرداء واقفًا مع جبير بن نفير، فمرَّ عليه السبي والأسرى، فبكى أبو الدرداء، فقال له جبير: تبكي في مثل هذا اليوم، الذي أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله؟ فقال أبو الدرداء: يا جبير، بينما هذه الأمة قاهرة ظاهرة، إذ عصوا الله فلقوا ما ترى، ما أهون العباد على الله إذ هم عصوا.

ويحكى أن يزيد بن معاوية تقدم ليخطب ابنة أبي الدرداء فردَّه، فأعاد يزيد طلبه، فرفض أبو الدرداء مرة ثانية، ثم تقدم لخطبتها رجل فقير عرف بالتقوى والصلاح، فزوجها أبو الدرداء منه، فتعجب الناس من صنيعه، فكان رده عليهم: ما ظنَّكم بابنة أبي الدرداء، إذا قام على رأسها الخدم والعبيد وبهرها زخرف القصور، أين دينها يومئذ؟

وكان يقول: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، ويكثر علمك، وأن تباري -تنافس- الناس في عبادة الله.

وفـــــــاته:

عن أم الدرداء رضي الله عنها أن أبا الدرداء، رضي الله عنه، لما إحتضر جعل يقول: من يعمل لمثل يومي هذا، من يعمل لمثل ساعتي هذه، من يعمل لمثل مضجعي هذا، ثم يقول: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الأنعام:110].

مات أبو الدرداء، رضي الله عنه، سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة بدمشق، وقيل: سنة إحدى وثلاثين.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.